قد يبدو هذا الموضوع مشهداً من مشاهد الخيال العلمي أو أحد الروايات الأسطورية، لكن خذ نفساً عميقاً وأطلق العنان لخيالك ولنرى تفاصيل هذا البحث العجيب: هل تعلم أن بعض أنواع خيوط العنكبوت (على رِقّتها) أقوى عشر مرات من الفولاذ؟!! تخيل معي الآن الآتي: ماذا لو استطعنا استبدال البروتين الموجود في خيوط العنكبوت بالبروتين المسؤول عن الصلابة في بشرتنا، فأي نتيجة سنحصل عليها حينها؟! سنحصل على جلد أقوى من الفولاذ عشر مرات!! نعم بالفعل هذا ما يذكره بحث علمي في هولندا يسعى لمعالجة البشر جينياً ليصبح لديهم جلد مضاد للرصاص!! يقوم بهذا البحث العجيب فريق من العلماء بالتعاون مع ائتلاف الطب الشرعي للجينات في هولندا، حيث قام العلماء بمعالجة الماعز جينياً لتُنتج لبناً يحوي البروتينات الموجودة في خيوط العنكبوت، وعند معالجة هذا اللبن وحياكته يصنع نسيجاً أقوى من الفولاذ بعشر مرات لدرجة أن الرصاصة لا تستطيع اختراقه!! يهدف العلماء في المرحلة الأولى للمشروع إلى تنمية طبقة من الجلد الحقيقي حول طبقة من هذا النسيج، وهو ما تم بالفعل الخطوة التالية هي استبدال بروتين الكيراتين الذي يتواجد في جلدنا (والمسؤول عن الصلابة) بذاك الذي يوجد في خيوط العنكبوت، لتكون النتيجة إنساناً مضاداً للرصاص!! صاحبة هذه الفكرة الغريبة هي الباحثة الهولندية جليلة السعيدي (ذات أصول عربية على ما يبدو) والتي تقول أن لاستخدام خيوط العنكبوت في الحماية تاريخاً طويلاً، حيث يذكر المؤرخون أن جنكيز خان أمر فرسانه ذات مرة بارتدائها في أقدامهم حتى لا تخترقها الرماح!! لو افترضنا نجاح هذا البحث وتطبيقه فليس من الواضح آثاره الجانبية على الإنسان: هل يعني عدم اختراق الرصاصة للجلد عدم التأثير على الأعضاء الداخلية مكان الاصطدام؟ وكيف يمكن أن يذهب هذا الشخص للطبيب عندما يمرض مع بشرته التي لا يمكن اختراقها؟ هذه الأسئلة وغيرها تضع أمام فكرة الجلد المضاد للرصاص مسافة طويلة في المستقبل حتى نرى له استخدامات حقيقية، وإن كنت أظن أن جيوش العالم ستكون أكثر تحمساً لتطبيق هذا الابتكار في أسرع وقت!